بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

قراءة في ديوان-ايقاعات قلب اعزل-للشاعر شريف الزميلي-كتابة احمد الحلي


قراءة في ديوان ( إيقاعات قلب أعزل )
الشاعر يتوارى خلف طلاسمه
أحمد الحلي
بين أيدينا ديوان صغير الحجم (72) صفحة عميق الدلالة بعنوان ( إيقاعات قلب أعزل ) للشاعر شريف هاشم الزميلي ، والذي أصدره ضمن موجة الإصدارات التي أخذ الكتاب والشعراء العراقيون ينشرونها على عاتقهم بطبعات محدودة إبان فترة الحصار الذي فرض على العراق .
والشاعر شريف الزميلي اسم معروف جيداً ومتداول في الوسط الأدبي والاجتماعي ولاسيما في مدينة الحلة ، التي عمل فيها لفترة طويلة كأحد أهم التدريسيين والتربويين الحاذقين ، وما زالت إلى الآن تعبق في ذاكرتي نكهة طريقته الرائدة والمميزة في تدريس مادة ( اللغة العربية ) وقواعدها في أوائل السبعينات ، وكيف أنه استطاع أن ينمي القدرات الذهنية والأدبية لدى التلاميذ ، ويرعاها بتأنٍ وصبر مثلما يفعل الزارع المتمرس مع حبات الزرع التي يتوسم فيها خيراً ، على العكس تماماً مما اعتاد أن يفعله مدرسون آخرون مع طلبتهم ، حيث يعمدون إلى طمس مواهبهم ووأدها في مهدها وقبل أن تتفتح الأمر الذي يعكس فشلهم هم على الصعيد الثقافي والإبداعي .
وفي فترة اليفاعة تلك التي كنا نحيا في ظلالها ، كنا شباناً متطلعين إلى الثقافة والأدب بكل قوة ، وكان من ضمن ما كنا نهتم به بطبيعة الحال ، العكوف على قراءة وتداول قصائد الحب المشهورة قديمها وحديثها ، وما زلت أتذكر باعتزاز إن إحدى هذه القصائد كانت لأستاذنا الشاعر شريف هاشم ، حيث يقول في أحد مقاطعها :

بينا الفؤاد بنشوةِ
يندى بصحبةضبية
ويصوغ حلم العمر
وهج الحديث بلهفة
خطف الردى لله من
دنياي اجمل لوحة
فذهلت آه صرخت
بين مكذب ومصدق
زفت عروسي للردى
ليت الردى لم يخلق

وهي من قصيدة بعنوان ( عروس المقبرة ) .
ونعود الآن إلى الديوان الذي نحن بصدده وأعني به ( إيقاعات قلب أعزل ) حيث أورد الشاعر في مستهله مقطعاً مقتبساً من الشاعر الروسي المنتحر ( يسنين ) يقول فيه :
" ما يعني أن تقول شعراً ؟
ذلك يعني
أن تسلخ جلدك
وتدع الآخرين
يستحمون بدمائك ! "
وكما يتضح فإن هذا هو توصيف رائع ودقيق لمهمة الشاعر ( الحق ) في الحياة ، غير أن شاعرنا سرعان ما يستدرك مع قارئه في أول مقطع :
" دونك الملح
ها أنذا أسلخ الآن جلدي
هلمَّ استحم ! "
حيث سيتضح ومنذ البداية المسار النفسي للقصائد وأجوائها الكئيبة ، فنقرأ في قصيدة ( يا للنهار الفسيح ) :
" ها أنذا أستحيل جناحين
يا للنهار الفسيح
وفي صدري الريح مفجوعة بالمناقير "
في المقطع الثالث من قصيدة ( إيقاعات قلب أعزل ) والتي صارت عنواناً للديوان ، نقع على عمق الأسى الذي يغلف روح الشاعر :
" أراهن
ما لي سوى وجعي
مَن يطلق الآن صوبي الغناء ؟! "
في قصيدة ( كان ما كان ) نقرأ حكاية شعبية :
" رجل وامرأتان
امرأة عرفت
أنّ الحب نقيض الخوف
رقصت عارية
فطواها النسيان
أخرى ..
باركها الرب
تدرك أن الحب صلاة
ضاءت كل خلاياها
فتوارت أطياف الحرمان "
وفي قصيدة أخرى ، نحسب انها مهداة إلى الناقد الراحل عبد الجبار عباس، وان لم يتضمن النص صراحة ذلك ، نقرأ :
" يا لخيط المطر
يواصل وشي الحقول البهية "
ثم يصل إلى القول :
" وإن الصفائح
لم تُثنِه
أن يزور أحبته
عبر ( مراياه )
و ( أشواك وردته )
يا له حالماً
باشتعال الحرائق
في الذاكرة "
وكما هو معلوم ، فإن ( مرايا جديدة ) هو كتاب نقدي مهم أصدره الناقد الراحل ، وكان أصدر قبله ديوانه البكر والوحيد ( أشواك الوردة الزرقاء ) في مطلع السبعينات .

ليست هناك تعليقات: