بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

السبت، 27 أبريل 2013

د . صباح نوري المرزوك ... قلم لا ينفد مداده !!!- حامد كعيد الجبوري


د . صباح نوري المرزوك ...
قلم لا ينفد مداده !!!
حامد كعيد الجبوري
      عام  67_ 1968 أنهيت دراستي الإعدادية وأصبحت أسير حلم وواقع ، الحلم أكمال دراستي الجامعية وتحديدا اللغة العربية لحبي للشعر ونوادره  ، والواقع الحالة الاقتصادية لعائلتي التي أنا أكبر أبنائها ، وبدأت الشيخوخة تسري لأوصال والدي - رحمه الله - لتجعله رهينٌ للبيت ، تغاضيت عن حلمي ودخلت الكلية العسكرية لأتخرج منها ضابطا برتبة ملازم عام 1969 م واستلم مهام والديَّ وأخوتي ، وحبي للثقافة يدفعني لمتابعة النشاطات الثقافية العراقية التي تحمل لواءها مدينتي الفيحاء الحلة بإكبار وأحقية ، وأحببت الثقافة لأسباب كثيرة منها أن أخوالي شعراء للفصحى والعامية ، وأبناء خالتي يملكون مكتبات منزلية متواضعة سمحوا لي بقراءة ما أريد ، فقرأت القصة والرواية والمسرحية ، ولا أنسى الصحف اليومية ، والمجلات الدورية ، بداية السبعينات وأعتذر عن عدم حفظي للسنة تحديدا أسست ( ندوة عشتار ) من نخبة من مثقفي بابل ، الدكتور عدنان العوادي ، الدكتور حازم سليمان الحلي ، الأديب جعفر هجول ، الأديب وحودي سلمان وغيرهم ، وبدأ نشاط هذه الندوة متخذة من مبنى دور الثقافة الجماهيرية مقرا للأمسيات التي أصبحت شبه أسبوعية ، دعاني قريبي الراحل ( جعفر هجول ) رحمه الله لأحد الأمسيات ، وهناك وجدت من هم بسني ، ومن هم أكبر مني عمرا ، اختلطت بهم ومعهم  وتهيأت فرصة التعرف أليهم بسبب أن وحدتي العسكرية كانت في معسكر ( المحاويل ) ، ولذا لم أضيع حلمي وانتظمت بكلية الآداب فرع اللغة العربية بالجامعة المستنصرية القسم المسائي مع زملاء كثر أبرزهم ( د عبد الآله الصائغ  ) الذي كنت أجده أيضا بندوة عشتار الحلية  ، ومن ضمن من تعرفت أليهم شاب أنيق طالب بكالوريوس لغة عربية  دائم الحضور ودائم المشاركة والتعقيب والإيضاح والاستيضاح من المحاضرين ، وهذا الرجل هو ( صباح المرزوك ) ، لم أجرأ بسؤاله عن سبب عاهةٍ برجله اليسرى ، ويعاني صعوبة في السير بسببها ، ومع ذلك لم تكن تلك العاهة معيقة له بالحركة والتنقل حيث ما يشاء ، لاحظت هذا الرجل وهو يحمل قصاصات ورقية تملأ أكمامه ، يكتب ملاحظاته عليها ، ولم أسأله عن سر ذلك أيضا ، وافترقنا كثيرا هو ( لأنقره ) ، وأنا حيث المعسكرات في المدن العراقية والحروب التي زجّ بها البلد وناسه المساكين ، مبكرا أحلت على التقاعد لأسباب يعرفها النظام السابق وكان ذلك عام 1988 م ، عدت أدراجي للحواضر الثقافية التي أبعدت نفسي عنها مجبراً ومخيراً فوجدت ( المرزوك ) يحمل شهادة الدكتوراه  ومن الأسماء المهمة في ساحة الثقافة والتأليف العراقي ، وعدنا كما بدأنا أصدقاء وأخوة ، وبدأت أنشر في الصحف المحلية وكنت أحتاج الصديق ( المرزوك ) بسؤال توثيقي أو ثقافي ما فأتوجه له فيفتش بتلك القصاصات الورقية الصغيرة التي كان ولا يزال يكتب فيها ، وعرفت الجواب لتساؤلي عن ذلك ، وتجرأت وسألته عن عاهته ؟ ،  وقال لي سؤال أستغربه منك ، يفترض أنك تعرف جوابه لأننا أصدقاء منذ سبعينات القرن الماضي ، وعرفت أن سبب هذه العاهة حادث سيارة وليس عاهة ولادة ، عام 1964 م  وبصف الأول متوسط  وهو خارج من مدرسته مع مجموعة من أقرانه داهمتهم سيارة رعناء وارتطمت بهم جميعا وأكثر من أصيب بذلك الحادث التلميذ ( صباح ) لأنه سقط على رصيف الشارع الكونكريتي فكانت إصابته أبلغ من الجميع ، للدكتور المرزوك طريقة خاصة بإلقاء محاضراته سواء في الأمسيات الثقافية أو في قاعات الدراسة الجامعية ، أسلوب تعليمي محبب يعتمد طريقة إيصال المعلومة للمقابل دون عناء وجهد ومتابعة من المتلقي  ، يبحر ببطون الكتب من أجل تلك المعلومة ،  يعرف أغلب العائلات الحلية  وربما  أعده نسابة بذلك ، له من المؤلفات ( 36 ) عنوانا فيهن أكثر من جزء ، وأهم منجز يحبه الدكتور المرزوك ( معجم المؤلفين والكتاب العراقيين ) عام 2002 م بثمانية أجزاء ، وهو جهد يخلّد صاحبه ما حيينا ، ويحب المرزوك أيضا مؤلفه ( البابليات ) أو تكملة البابليات بأجزائه الثلاثة لأنه جاء مكملا لجهد الراحل العلامة ( محمد علي اليعقوبي ) ، المرزوك صديق لا تمل صحبته وأحاديثه ومتابعته ، رافقته بسفرات للمرابد ، والمجالس الثقافية النجفية وغيرها ، محب للخير والعلم والناس ، له علاقات واسعة بمثقفي العراق والدول العربية ، أحب أساتذته وأحب طلابه وبذل من أجلهم الكثير ، يعكف على الأطروحة الجامعية لطلابه ويسدد كتاباتهم بما يمليه عليه ضميره التعليمي  ، وأخيرا ولمن لا يعرف المرزوك قبل إصابته بقدمه محبا للرياضة ورئيس فريق كرة قدم  وله ذكريات بذلك ،ولا أدري ما أقول بهذا ، هل ألعن ذلك السائق المتهور الذي أصاب المرزوك وجعله يعاني من عاهة جسدية ترك بسببها الرياضة ؟ ، و ماذا كان سيجني من الرياضة ؟ ، هل سيكون هدافا ؟ ، أم بطلا للساحة والميدان ؟ ، سرعان ما تنسى البطولات وتركن الكؤوس على الرفوف ،  أم أشكره – السائق - لأن بسببه جلس المرزوك بداره قارئا ومؤلفا ومترجما لحياة الكثير من المبدعين العراقيين والحليين ، يكتب المرزوك بكل ولكل شئ ، ولا ينسى الثقافة الشعبية عموما فهو متابع ونهم لمعرفة كل شئ ، العمر المديد للكبير الأستاذ الدكتور ( صباح نوري المرزوك ) ولتهنأ بابل بأعلامها ومفكريها ومؤلفيها وأبناءها البررة .
صباح ببلوغرافيا
-----------
صباح نوري المرزوك
ت 1951 بابل / الحلة
حصل على البكالوريوس من جامعة بغداد قسم اللغة العربية عام 1972 م
الماجستير عام 1985 م أنقره
دكتوراه 1989 أنقره
حصل على الأستاذية عام  2009 م
م يزال أستاذا لمادة الأدب العربي بجامعة بابل    

غالب المسعودي - ألعمى الثعلبي وعبقرية الرد بالكتابة

الأحد، 21 أبريل 2013

الذبابيون تكاثروا=كاظم فنجان الحمامي




الذبابيون تكاثروا


كاظم فنجان الحمامي      

أغلب الظن إنّ أنفلونزا الذباب هي أقدم وأبشع الأمراض والأوبئة المستوطنة في مجتمعاتنا منذ قرون. فهي أشد فتكا ودمارا من أنفلونزا الخنازير, ووخز الدبابير, ووقاحة الزرازير. ولا يحمل فيروساتها الخبيثة إلا الذين اعتنقوا فلسفة الذباب, ولؤم الذئاب, وآمنوا بمبادئ المنهج الذبابي الانتهازي الميكافيلي. .
فالطفيليون والنفعيون عادة ما يحومون كما الذباب على موائد وقدور أصحاب الوجاهة والنفوذ, الذين سبقوهم في التربع على منصات الزعامة والسلطة. وهذا هو ديدنهم, وهذا هو جوهر فلسفتهم الذبابية المنبعثة من مستودعات التفسخ الأخلاقي . يمتلكون حاسة شم خارقة. ولديهم القدرة على التمييز بين الأكتاف التي سيأكلونها. وبين الأكتاف التي سيتسلقون فوقها, ويعرفون كيف ينشرون أجنحة الاحتيال، وكيف يستخدمون أسلحة الاغتيال. يتقنون التزلف والتملق كحرفة دنيئة لا يجيدها غيرهم.  يتفننون في التودد لمن هم في الأعلى. يتعمدون الإساءة لمن هم أكفأ وأشرف منهم. يحيكون المؤامرات والدسائس. ينصبون الفخاخ. ينسجون الأحابيل. فانغمسوا في ممارسة الرذيلة, وضاعوا في سوء الكيلة. حتى انقلبت عندهم مفاهيم العدالة والاستقامة رأسا على عقب. وصار التعدي على المال العام في نظرهم شطارة. والكذب عندهم مهارة. والدين تجارة, والحيلة فطنة. والصدق بلاهة. .
لقد سبق وأشرت إلى خطورة أصحاب الوجوه الهلامية, وحذرت من ذوي الأخلاق الزئبقية. وسبب عودتي لهذا الموضوع. هو حالة الاستياء والتذمر والقلق, التي تساور الناس هذه الأيام. خصوصا بعد انتشار أنفلونزا الذباب, وتغلغلها في أروقة المؤسسات الإدارية والسياسية والتنظيمية. فقد فاحت روائح الفساد حتى أزكمت الأنوف.. وتكشفت الحقائق للقاصي والداني. ولم تعد تلك المظاهر الخدّاعة تنطلي على الناس, وسقطت الأقنعة المزيفة عن الوجوه المتسترة بجلباب الورع والتقوى. وفشلت أساليب الغش والتحايل. وظهر المفسدون على حقيقتهم المشينة. بعد أن انتحلوا من الخصال ما يتناقض مع غرائزهم الحيوانية. وتقمصوا منطق التضليل والتلفيق والمراوغة. وتلاعبوا بالألفاظ والمواقف. واتخذوا من المزايدات الطائفية والولاءات القبلية مطية لهم. وهكذا سقط الذين يحملون فيروس أنفلونزا الذباب في مستنقعات الخزي والعار. وفقدوا احترام عامة الناس. بعد أن أصبحوا يمثلون صورة من صور الانتهازي الجشع, الذي يعرض قضايا أمته للمزاد في سوق الدعارة السياسية. ويتاجر بآلام الفقراء والبائسين. ويقامر بمصلحة أمته ووطنه في سبيل تحقيق مصلحته هو شخصيا, ويستغل طيبة الناس وسذاجتهم لضمان منفعته الذاتية. فالذبابيون عبيد للذات والمال والجاه. ألا تراهم كيف يتقافزون كالقرود على سلالم السيرك السياسي, وكيف يستثمرون الأزمات المحلية. لِيُحرِّكوا مصالحم الخاصة. أو ليتكسَّبوا من مصائبنا وأوجاعنا. أما إذا تَولَّوْا منصبًا من المناصب. وصارت مُقدَّراتُ الأُمَّة وأموالُها بين مخالبهم. رأيتَهم يَنهبون منها على هواهم. ويَتلاعبون بحقوقِ النَّاس وَفقَ ما يشاؤون. ويتهافتون على جني المزيد من المنافع والمكاسب. وليشرب الناس من البحر. حتى سَئِمَ النَّاسُ الحياةَ معهم، والعيشَ بجوارهم مِن كثرة صَفاقتِهم وحَقارتِهم. وأشد ما يزعج الناس. إنّ هؤلاء المصابون بأنفلونزا الذباب. يمارسون أسوأ أنواع نكران الجميل, في القول والفعل. ويتعاملون بصلف وصفاقة مع من لهم الفضل عليهم. وهكذا فضحوا أنفسهم بأنفسهم. وفقدوا احترام الناس لهم. وخسروا الدنيا والآخرة بسبب ممارساتهم المبنية على الزيف, والدجل, والنفاق, والضحك على ذقون الناس السذج, الذين ربما انخدعوا بعباراتهم المنمقة, وتصرفاتهم الملفقة. لذا لابد من كشف زيف هؤلاء. وتشخيص خداعهم. وفضح خزعبلاتهم. ولابد من إعلاء صوت الحق, ليجلجل مدويا في فضاء الحرية. ومن دون خوف أو تردد. عندئذ نكون قد أسهمنا في التخلص من الفيروسات المسببة لأنفلونزا الذباب, ونجحنا في الوقاية من شرورها. فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال.
صدق الله العظيم. .