بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

السبت، 7 يونيو 2014

عندما ينفجر الجهل عبوة ناسفة- كاظم فنجان الحمامي

عندما ينفجر الجهل عبوة ناسفة


كاظم فنجان الحمامي

تعددت طرق الخلايا الإرهابية في التعبير عن نزعاتها الإجرامية، فنسفت الجسور والمدارس والمساجد والكنائس والأسواق والتجمعات السكانية، ثم توسعت في نشر أفكارها الظلامية، وتمادت في التهديد بخناجرها لتزهق أرواح الصغار والكبار بدم بارد، فاغتالت الإعلاميين والفنانين والأساتذة والمهندسين، حتى صار القتل والتفجير عنواناً من عناوين الخراب الشامل، وبركاناً عنيفاً من براكين صناعة الموت ونشر الدمار، فأحرقوا الحرث وقطعوا النسل, ورفعوا رايات الرعب بين الأحياء الفقيرة.
كنا نتوقع ظهور مخالبهم في كل مكان، لكننا لم نتوقع أن تصل بهم الخسة والنذالة إلى قتل الفرق الطبية المكلفة بالتطعيم ضد مرض شلل الأطفال، ولم نكن نتوقع أنهم سيمنعون التعامل مع الحملات الصحية المكلفة بالتلقيح، ويفتون بقتلهم والتمثيل بأجسادهم. 
لم تأت العمليات الإرهابية التي استهدفت الفرق الطبية في الرمادي والموصل وديالى من باب الصدفة، فقد كانت لها جذورها التعبوية المنبثقة من بؤر الظلام, بناءً على فتوى أصدرتها الأوكار الإرهابية، حرمت بموجبها السماح لفرق تلقيح شلل الأطفال بالعمل في القرى النائية بذريعة التشكيك بصلاحية اللقاح، أو التشكيك بنوايا الفرق نفسها.
https://www.youtube.com/watch?v=GS9ynvGH1h8
تعود تلك الفتوى إلى عام 2011، وهو العام الذي قررت فيه طالبان توجيه هجماتها نحو فرق التطعيم ضد شلل الأطفال، وكانت القرى الباكستانية والأفغانية والبنغالية هي الأهداف السهلة لتنفيذ التفجيرات المتوالية ضد قوافل فرق التلقيح، فسقط حتى الآن مئات القتلى من العاملين في حملات المكافحة, راحوا جميعهم ضحية الفكر المتخلف، وتشير التقارير المرسلة من تلك البلدان إلى عزوف آلاف الفقراء عن التطعيم، ورفضهم تلقيح أطفالهم ضد الشلل الذي مازال متفشياً بينهم.
مما لا جدال فيه أن تنفيذ الهجوم المسلح ضد الفرق المكلفة بمكافحة الأمراض الفتاكة، ومنها شلل الأطفال، والإفتاء بتحريم التعامل معها، يعد من الأفعال العدوانية الموجبة للعقاب شرعاً, بقدر الضرر المترتب عليها.
نحن الآن في أمس الحاجة إلى التصدي للفتاوى الباطلة، التي ظهرت مؤخراً, والتي تحرم التطعيم ضد شلل الأطفال في الديار الإسلامية، ويتعين علينا العمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتمويل حملات التوعية في المناطق الموبوءة.
من المفارقات الغريبة أن المنظمات الدولية رصدت مئات الملايين من الدولارات لدعم الحكومات المتضررة، وتعزيز جهودها نحو تطعيم أطفالها ضد الشلل، بينما تتعمد منظماتنا العربية تجاهل العمليات الإرهابية، التي استهدفت فرق التلقيح والإسعاف الفوري في سوريا والعراق.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين

ليست هناك تعليقات: